Skip to main content

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إنشاء الهيئة المشتركة لتأسيس المراكز الثقافية الإسلامية، ثمرة للتعاون البناء المشترك المبني على البر والتقوى بين دولة ليبيا ويمثلها جمعية الدعوة الإسلامية العالمية ودولة الإمارات العربية المتحدة ويمثلها مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ، في خدمة إخوانهما المسلمين وغيرهم من مواطني قارتي إفريقيا وآسيا، وذلك بالإسهام مع الدول ذات العلاقة في تقديم بعض الخدمات الثقافية والتعليمية والعلاجية، والتعبير بهذا الإسهام المتواضع عن الصداقة التي تربط دولتي ليبيا والإمارات بالدول ذات العلاقة ، وتأكيد التعاون المثمر معها على خدمة الإنسان والرفع من مستوى التعليم في بلدان مقر المراكز الثقافية الإسلامية.
وتبلورت الآراء عقب اجتماعات مطولة بين الجانبين على إنشاء هيئة مشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة ليبيا، تخطط وتقوم بتأسيس مراكز ثقافية إسلامية تساهم الدولتان في تكاليف بنائها، وتسييرها بعد البناء، مناصفة بينهما، وذلك في عدد من دول إفريقيا وآسيا.
تقدم هذه المراكز خدماتها المختلفة إلى كل مواطني البلاد التي تقام فيها بلا تمييز بين المسلمين وغير المسلمين، تطبيقا لسماحة الإسلام ورحابته، وتعبيرا عن نزعته الإنسانية التي لا تعرف التعصب، وتحقيقا للتعاون الأخوي والصداقة الحميمة بين الهيئة المشتركة والدول المضيفة للمراكز. كما تقوم تلك المراكز بالتعريف بدين الإسلام، وبيان محاسنه وروعة مبادئه، وتقديم صورته الحقيقية لمن يريد الاطلاع عليها، ومساعدة المسلمين على تفهم دينهم وتوعيتهم بأحكامه، وربطهم بأخلاقه الرفيعة، ومشاركتهم في إحياء المناسبات الدينية كشهر رمضان وعيدي الفطر و الأضحى. بالإضافة إلى نشر الثقافة الإسلامية واللغة العربية، لتمكين الراغبين في تعلمها من تلبية رغبتهم، وباعتبارها جسرا للتبادل الثقافي والتواصل المعرفي بين المنطقة العربية والدول المضيفة للمراكز، مما يقوي التعاون والترابط، ويدعم أواصر الصداقة والعلاقات التاريخية بين الجانبين.
وتحقق المراكز أهدافها في ظل حرصها على احترام الدول المضيفة واحترام قوانينها وأنظمتها، وبموافقتها التامة ومباركتها، وبالتفاهم الودي مع جهات الاختصاص فيها.
وهكذا أريد من هذه المراكز أن تكون رسوة صادقة لتبادل الثقافة بين الشعوب، ونمطة تعاونية دولية متميزة يسعى لتحقيق المصالح الإنسانية المشتركة، ويدا نظيفة ممتدة بالسلام والمحبة والود ، ومصدر إشعاع يستضيء بنوره كل المواطنين، بغض النظر عن اختلافهم في الدين أو اللون.
ولكي تقوم المراكز الثقافية الإسلامية بهذه الرسالة العظيمة بمختلف جوانبها على أحسن وجوه الأداء، تقرر أن تشيد على مستوى حضاري يساير تقدم العصر وتطور الخدمات فيه، بحيث يشمل كل مركز على المرافق الآتية :
1.  مسجد بكل لوازمه وملاحقه لأداء الصلوات فيه، وتحفيظ القرآن الكريم، وعقد المحاضرات والندوات الدينية، وإلقاء دروس التوعية والتوجيه، وتعليم العلوم الإسلامية واللغة العربية، وإحياء المناسبات الدينية.
2.  مدرسة حديثة مزودة بكل الأدوات والوسائل والمختبرات العلمية ووسائل الإيضاح، مع إدارة مستقلة بها تقوم بتطبيق المناهج التعليمية الرسمية المعتمدة في دولة المركز .
3.  مستوصف مجهز بكل الخدمات الصحية والكوادر اللازمة من طبيب متفرغ، وممرضين وممرضات، وأجهزة الكشف وإجراء العمليات البسيطة كالختان، ومختبر للتحاليل الطبية المختلفة ، وصيدلية صرف الأدوية، وكل ذلك بالمجان ولكل المواطنين المترددين عليه من الجنسين .
4.  مسرح يتسع لأكثر من خمسمائة شخص مجهز بأحدث أجهزة الإضاءة ومكبرات الصوت والعرض السينمائي والمقاعد الوثيرة. ويستعمل للعروض المسرحية والسينمائية وعقد المؤتمرات والمحاضرات والندوات والاحتفالات بالمناسبات القومية والشخصية والإسلامية وتستفيد منه الجهات الحكومية والدبلوماسية والجمعيات الشعبية والشركات وغيرها
5.  مكتبة تضم كتب ومراجع باللغات العربية و الفرنسية والإنجليزية والمحلية، للطلبة والمدرسين ومن يرغب من المواطنين في زيادة معرفته وإطلاعه
6.  ملاعب رياضية متنوعة مجهزة لكرة القدم و السلة والطائرة والتنس الأرضي وما يحيط بهذه الملاعب من حدائق .
7.  مساكن مؤثثة لسكن أسر المسؤولين عن إدارة المركز ومرافقه .
8.  ورش صناعية في عدد من مراكز تدريب الطلبة على بعض الحرف كالنجارة والحدادة والسمكرة.
وقد طبقت هذه المواصفات بدقة في بناء المراكز الثقافية الإسلامية الأربعة التي أنشئت حتى الآن، وجاءت على أحسن ما يكون البناء العصري متانة وجمالا وتجهيزا ، حيث قامت الهيئة المشتركة بتأثيثها وتزويدها بكل ما يلزمها، وخصصت لها الميزانيات السنوية لتسييرها والإنفاق على نشاطاتها، ويقوم المكتب الدائم المسؤول عن تنفيذ قرارات الهيئة بالإشراف المستمر على سير المراكز ومتابعتها ومراقبتها وتسهيل مهمتها وتذليل الصعوبات التي تعترض طريقها، متوخية اختيار أحسن العناصر الممكنة لإدارتها وقيامها برسالتها.
وبفضل الله وتوفيقه حققت المراكز الأربعة التي أنشئت حتى الآن نجاحا باهرا، ووجدت الإقبال والترحيب من كل المواطنين على اختلاف أديانهم، وأحدثت نقلة نوعية في مستوى الخدمات والثقافة التعليمية والطبية في الدول التي أنشئت فيها، وإرتفعت معالم يفتخر بها أهل البلد، ويعدونها من أهم مؤسساتهم الخدمية.
ونسجل هنا بكل تقدير وعرفان للجميل الدور الفعال المهم والجهود الكبيرة المشكورة التي قامت بها جهات الاختصاص في الدول التي أقيمت بها المراكز من تشجيع مستمر لهذه المراكز، وحرص على تمكينها من أداء رسالتها الإنسانية، وإستعدادها الدائم لتذليل الصعوبات التي تعترضها ، وتيسير إجراءاتها الرسمية وشؤونها الإدارية، وتقديم كل المساعدات الممكنة التي تدفعها إلى الأمام وتحقق لها النجاح.
ولا يسعنا إلا أن نشكر الدول المضيفة للمراكز شكرا جزيلا على تعاونها المثمر، ومساعداتها الجادة، ومساهماتها الفعالة، ووقوفها بجانب المراكز مساندة لها ومؤيدة.
ولا يفوتنا في هذا المقام أن نشيد بجهود الدولتين في تأسيس الهيئة المشتركة لتأسيس المراكز الثقافية الإسلامية، والتخطيط لبرامجها ووضع مشروعاتها.
والله الموفق ..